Menu

أوكرانيا: العميل الانتحاري 

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

بعد شهور من الحرب بات من المفهوم ضمنا تماثل أهداف الحكومة الأوكرانية مع الأهداف الأمريكية، وقد كان حتى ايام قليلة يمكن تدوير الفهم حول هذا التماثل باعتباره مسعى اوكراني للانضمام للمعسكر الغربي بأي ثمن حتى لو كان حربا مع روسيا، وهو ما حدث بالفعل، مضت حكومة أوكرانيا في سياسات التقارب مع المعسكر الغربي وتحويل البلاد لقاعدة متقدمة لهذا المعسكر وصولا لاشتعال الحرب مع روسيا، وفي مسار الحرب تمسكت الحكام الاوكران بهذا المسعى، ورفضوا الكثير من الحلول بما فيها إمكانية تحول أوكرانيا لبلد حيادي، وحتى هذا الأمر يمكن فهمه ففي نهاية المطاف بلادهم تعرضت للاحتلال والتقطيع من قبل الروس، ويجري انتزاع وضم اجزاء منها لروسيا بشكل مضطرد، ولكن ما حدث في زاباروجيا يشير إلى منحى مختلف تماما في سياسة الحكومة الاوكرانية، ابعد ما يكون عن حفظ المصلحة القومية الاوكرانية، او التعبير عن موروث من السياسات اليمينية الفاشية التي تقدس القومية الاوكرانية وتستعد لربطها بمصالح قوى استعمارية معادية لكل الدول المجاورة لأوكرانيا بل و للانسانية، كما حاولت في عهدها القديم التحالف مع الوحش النازي ضد الاتحاد السوفياتي وضد كثير من الاوكران ذاتهم.

ماذا حدث في زاباروجيا؟ 

أطلقت القوات الاوكرانية قذائفها على مجمع للمفاعلات النووية في بلدة زباروجيا الاوكرانية التي تسيطر عليها القوات الروسية، وقد يفهم من ذلك ان هذا إطلاق تحذيري او قصف دقيق طال محيط المفاعل في مغامرة محسوبة بها قدر من الجنون، ولكن تتبع الوقائع يشير للنقيض، لقد قصفت القوات الاوكرانية المجمع بالفعل واصابت مبنى رئيسي فيه يقع على بعد عشرات الأمتار فقط من المفاعلات النووية الستة داخله.
بضعة مليمترات في زاوية الإطلاق كانت تساوي سقوط القذائف على المفاعل مباشرة وامكانية حدوث أكبر كارثة في تاريخ البشرية على الاطلاق، ابادة مئات الملايين من البشر، أن يتم تدمير اوكرانيا بالكامل بفعل الانفجار المباشر للمفاعل الذي قد يصاب والمفاعلات الستة المجاورة، او حدوث تسرب إشعاعي هائل في أفضل الظروف، يطال اوكرانيا بأكملها وأجزاء من روسيا ومعظم القارة الاوروبية ومناطق أخرى من العالم.

 محطة زابوريجيا للطاقة النووية تعرف بأنها أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا وواحدة من أكبر 10 محطات للطاقة النووية في العالم، وتضم ست مفاعلات نووية، وقياسا بمفاعل تشيرنوبل الذي جر انفجاره كارثة كبرى على اوكرانيا واوروبا، تعتبر محطة زاباروجيا عصبة من العمالقة قياسا بقزم  وحيد هو مفاعل تشيرنوبل.

كيف يدير الناتو المخاطر؟ 

في مارس المنصرم ومع بدايات العملية العسكرية الروسية حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من نهاية أوروبا في حال وقوع انفجار في محطة زابوريجيا النووية إثر اندلاع حريق فيه جراء الاشتباكات بين القوات الروسية والأوكرانية، ذلك كان تقييم زيلنسكي للمخاطر المرتبطة بالاشتباك في محيط المجمع النووي، ولكنه اليوم يبدو حريصا على استثمار هذا الخطر لحد الانتحار واضعا احتمالات تفجير العالم على طاولة الرهان، وبالتأكيد إن صناعة الانفجارات النووية ليس في مخيلة أي من الاوكران باستثناء مجموعة زيلنسكي حول تحرير بلادهم ومستقبلها.

اصدقاء زيلنسكي في حلف الناتو لديهم التقدير ذاته للمخاطر، فقد صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ناتو" ينس ستولتنبرغ، مؤكدا أن استيلاء الجنود الروس على المنشأة يشكل تهديدًا لأمن المحطة، وأضاف أن هذا الوضع يزيد من مخاطر وقوع مخاطر و حوادث نووية، ويعرض شعب أوكرانيا والدول المجاورة، وكذلك المجتمع الدولي للخطر.

وطالب ستولتنبرغ روسيا بسحب قواتها من محطة زاباروجيا للطاقة النووية جنوب شرقي أوكرانيا، دون ان يطالب اوكرانيا -مثلا- بعدم قصف المحطة، او يطالب الطرفين بتجنب القتال في هذا المكان بشكل فوري وعاجل.
بالنسبة للحكومة الاوكرانية يبدو خيار تفجير البلاد ومعها نصف العالم متاحا او على الاقل ان التلويح به والحوم حله مسموح، وهو ما يفاقم مؤشرات الخطر من المساعي الامريكية من وراء إطالة أمد الحرب الاوكرانية.